أدب الرحيل
العقلاء لا يهدمون كل الجسور حين يرحلون،
بل يتركون خلفهم أثر طيب ومساحة راقية من الاحترام.
لأنهم يعلمون أن الاحترام لا يُمنح استحقاقًا فقط، بل يُمنح أيضًا لأجل ذواتهم ووعيهم العالي.
فالاحترام هو أعلى مراحل النضج، ويظل باقياً حتى حين تنتهي الحكايات وتفترق الطرق.
الحكيم هو من يُحسن النهايات كما يُحسن البدايات،
يدرك أن الكرامة لا تُصان بكثرة الكلام،
وأن بعض الصمت أبلغ من ألف تبرير.
الرحيل بهدوء لا يعني ضعف، بل هو قمة القوة،
أن تخرج من موقف دون أن تُلوّث قلبك، دون أن تجرح أحد، دون أن تفقد قيمك.
لأن النهايات لا تكشف الآخرين فقط، بل تكشف نحن من نكون.
الرحيل الراقي لا يحتاج تصفيق،
ولا يحتاج أن يفهمه الجميع… يكفي أن يكون نقياً، نابعاً من سلام داخلي،
سلام لا يعبث به الحنين، ولا يُشوهه الندم.
هو ذاك النوع من الرحيل الذي لا يخلّف فوضى، بل يترك وراءه دعاء صادق:
“اللهم اجعلني ممن إذا مرّ، ترك طيبًا، وإذا غاب، دُعي له بالخير.”
تعليقات
إرسال تعليق